بصدور العدد الثاني عشر تكون مجلة بشائر العلوم قد أغلقت عامها الثالث. واللافت أننا التزمنا ووفّينا بنشر 15 مادة في كل عدد وبظهور كامل العدد قبل أسبوعين من موعد الصدور في موقع المجلة. وهكذا، تمكّن الطاقم من نشر 180 مقالا خلال هذه الفترة تصبّ كلها في نشر الثقافة العلمية في صفوف فئة واسعة مع القراء. وما يشجع المجلة على المضي قدما في أداء مهمتها أن عدد رواد موقعها خلال الـ 12 شهرا الماضية قد فاق 75 ألف زائر.
يقدم هذا العدد في باب الرياضيات وتاريخها الموضوع الشهير المعروف في الهندسة بـ"زجاجة كلاين" التي تمثّل سطحا ليس له حافّة ولا يقبل التوجيه، بمعنى أنّه سطح لا يمكن تحديد "داخله" و "خارجه". وقد عرّفنا في مقال آخر بمفهوم "المنطق الضبابي" الذي يعترف بوجود حالات من الغموض وعدم اليقين في العلاقات المنطقية. وبعد تناول الدوال الاختبارية والفائدة منها في التحليل الرياضي دخلنا باب التاريخ حيث استعرضنا حلول مسائل من التقليد الرياضي العربي في الشرق الإسلامي.
وفي محور الكيمياء، تناولنا المبادئ الأساسية في علم الحركة الكيميائية. ثم تطرقنا في مقال ثانٍ إلى مبادئ التحليل الطيفي باستعمال الرنين المغناطيسي النووي. فأطياف هذا الرنين طريقة فيزيائية وكيميائية حديثة تفيد في تحليل المركبات العضوية وغيرها. وبعد ذلك، انتقلنا إلى على علم الفلك وتقويم ظواهره وتدريسه في التعليم الثانوي. ثم غصنا في أعماق الكون للتعرف على مكوناته وتاريخ نشأتها علما أن الموضوع يقدم نظرة شاملة وموجزة عن الكون كما نفهمه اليوم.
وفي حقل التربية نواصل التساؤل عن التفكير الإبداعي والتفكير النقدي، إذ بعد جهود الفلاسفة في دراسة العقل والوعي والشعور والتفكير وأنماطه، أصبح علماء النفس وخبراء التربية يهتمون بالفكر والتفكير وارتباطهما باللغة والتعليم والتعلم. كما نواصل في مجال التعليمية استعراض محطات التدريب الميداني للطالب الأستاذ في المؤسسات التربوية الألمانية. وتحت عنوان "كيف تدخل للعقول من باب القلوب؟" قدم أحد الأساتذة محطات تجربته الطويلة في التعليم مستعرضا الطرق التي سلكها في التعامل مع الطلبة.
لقد اهتم المسلمون بتصنيف العلوم، خاصة مع التدفق الهائل للمعارف والعلوم، وذلك قصد التعرف على ما ينسجم من العلوم مع أصول عقيدتهم. وكان لزامًا على علماء الإسلام مراجعة هذا التصنيف، لذا ارتأينا أن نتناول في هذا العدد التصنيف الذي أتى به الفيلسوف ابن حزم للعلوم. كما ننهي في محور منوعاتنا سلسلة المقالات حول تاريخ الطين وتطبيقاته.
من جهة أخرى، من المعلوم أن المدرسة العليا للأساتذة بالقبة تحتفل هذه السنة بستينية ذكرى إنشائها. ولذا اخترنا شخصية بارزة في تاريخ هذه المدرسة، الأستاذ محمد الطيب سعداني -المدير الأسبق لهذه المؤسسة- ليكون شخصية العدد. أما في ركن "عرض كتاب" فوقع اختيارنا على كتاب يتناول جوانب خفيّة في شخصية إسحاق نيوتن بعنوان "كاهن الطبيعة: العوالم الدينية لإسحاق نيوتن" من تأليف روب إليفي Rob Iliffe.
لا يسعنا في الأخير إلا أن نكرّر نداءنا إلى كافة أساتذة مدرستنا -الذين يقارب عددهم 300 مدرس- للإسهام في إثراء محتوى المجلة بمقالات علمية هادفة. إنه لَجميل أن تكون محتويات المجلة بأقلام أساتذة من خارج المدرسة كما هو الحال الآن، وفي ذات الوقت يستغرب قارئ المجلة في شحّ أقلام أساتذة القبة رغم كثافة عددهم. أليس الأقربون أولى بالمعروف؟
نتمنى أن يجد القارئ الكريم بعض ما ينشده من ثقافة علمية في هذا العدد. وبالله التوفيق.
هيئة التحرير