ها هي بشائر العلوم تُطلّ على قرّائها بتمام عامها الرابع، وقد أضحت فضاءً معرفيًّا يتنامى حضوره يومًا بعد يوم. وما يدلّ على تعطّش جمهور القرّاء إلى المعرفة الهادفة بلغة الضاد، وإلى خطاب علميّ يجمع بين الجدّية والسلاسة أن عدد زوّار المجلةفاق خلال24 شهرا عتبة 200 ألف زائر، بعد نشر ما يناهز 250 مقالة.
ويأتي هذا العدد ليواصل المسيرة التي رسمتها بشائر العلوم منذ انطلاقتها مركزًا على التنوّع في المادة العلمية التي تسعى إلى خدمة الأساتذة في كل مراحل التعليم، وكذا الطلبة والتلاميذ. وفي هذا السياق، نقدم هنا أربعة محاور تحمل العناوين التالية: علوم طبيعية، فلك ورياضيات، ثقافة تكنولوجية، تعليمية العلوم.ففي المحور الأول نجد مقالتين تبحث إحداهمافي تصنيف صخور الغرانيت وعلاقتها بالموقع الجيوديناميكي، بينما تتناول الأخرى موضوعا حيويا يتعلّق بالاسمرار الإنزيمي في الخضر والفواكه وما يطرحه من تحديات وحلول مبتكرة لتحسين الجودة.
أما محور الفلك والرياضيات فيقود القارئ في رحلة ممتعة بين قصة كوكب افتراضي ، وإضاءات حول رمزية إنشاء العَلم الوطني الجزائري باستخدام أدوات الرياضيات. ثم يعرّج على مبرهنة فيثاغورس موضحا مكانتهافي التقليد الرياضي بدار الإسلام. كما نواصل الحديث عن تعليمية الرياضيات التي تُدرّس في المدرسة الجزائرية، مركزين هذه المرة على مبادئ المنطق الرياضي.
وفي محور الثقافة التكنولوجية، نطّلع على مدخل إلى دراسة البطارية الكمومية، ثم ننتقل إلى الحديث عن المبادئ الأساسية لأشعة الليزر وبعض تطبيقاتها العملية. وينتهي بنا مشوار هذا المحور بإطلالة على العِلم المفتوح في المنطقة العربية وإفريقيا، وكيف يخدم تلك المجتمعات.
أما محور تعليمية العلوم، فينادي بتعزيز مكانة الكيمياء ضمن المناهج التعليمية في المدارس العليا للأساتذة الجزائرية.ويسلط الضوء على البرامج التكوينية لأساتذة الرياضيات، وعلى الأبعاد الإبستمولوجية للتحليل البُعدي وفوائده التكوينية.ثم نواصل تقديم مادة مترجَمة من الألمانية حول "الفنون الحرّة" عبر العصور الوسطى.
وكما عوّدْنا القارئ، يضمّ هذا العدد الركن القارّ "شخصية العدد" الذي نُسلّط فيه الضوء هذه المرة على السيدة القطرية مُوزَة الربّان،أستاذة الفيزياء، ورئيسة منظمة المجتمع العلمي العربي. فمن خلال ما تبذله هذه الشخصية، يتضح أنّ رسالتها لا تقتصر على نشر الثقافة العلمية في العالم العربي فحسب، بل تمتدّ لتشمل الارتقاء باللغة العربيةالعلمية، وتأكيد قدرتها على استيعاب أحدث المفاهيم وصقل المصطلحات العلمية. كما تتميّز هذه المنظمة بكونها من المؤسسات العربية القليلة التي تحمل على عاتقها هذا الدور المزدوج: خدمة العلم واللغة العربية معًا.أما الركن القار الثاني فيقدم كتابا متميّزا منشورا باللغة الإنكليزية، عنوانه "فلسفة العلم: مقدمة قصيرة جدًا ".
ولا يمكن أن نُغفل، ونحن نقدم العدد السادس عشر من مجلة بشائر العلوم، الإشارة إلى مفارقة غريبة تستحق أن تُسجّل: لو نستثني أقلام المتقاعدين، لما وجدنا في هذا العدد سوى مقالة يتيمة وحيدة من هيئة تدريس المدرسة العليا للأساتذة-القبة! أيعقل أن تكون نخبة مؤسسة تكوين المكوّنين عندنا غائبة عن صفحات مجلّتهاالعلمية التربوية؟والمدهش أن المتقاعدين الذين يملكون كل المبررات لرَكْن أقلامهم يكتبون بجدية وحيوية، بينما زملاؤهم "في الخدمة" يتفنّنون في التكاسل أكثر مما يتفنّنون في كتابة المقالات! يبدو من المناسب، والحال هذه، أن نُدرجمقررًا جديدًا بعنوان "فنّ التفنّن في الغياب عن بشائر العلوم" ضمن مناهج المدرسة العليا للأساتذة-القبة !؟
ومع ذلك،نختم كلمتنا بهذا التحدي: نراهن أن العدد القادم سيحطّم الرقم القياسي في إسهامات أساتذةمؤسستنا، فهل أنتم أهلٌ لهذا الرهان يا قوم؟ وبالله التوفيق
هيئة التحرير