كلمة العدد


ها نحن نستقبل السنة 2023 بالعدد الخامس من بشائر العلوم وكلنا أمل في تقديم المزيد لقرائنا الكرام في مجال الثقافة العلمية. وما يحفّزنا أكثر في المدة الأخيرة أن عَدّاد موقع المجلة يشير منذ الثامن أكتوبر 2022 إلى أن عدد تحميل المقالات الصادرة في المجلة بلغ معدل 55 تنزيلا يوميًا، وهو ما لم يكن يتوقّعه البعض قبل صدور العدد الرابع.


نفتتح هذا العدد بالتعرّف على جوانب تاريخية وتراثية، مبتدئين بتصنيف العلوم عند المسلمين وغيرهم. والحديث في هذا الموضوع يتجاوز حجم ما تسمح به المجلة، ولذا اكتفينا هنا بنشر جزئه الأول على أن يُنشر الجزء الآخر لاحقا. ذلك أن مسألة تصنيف العلوم من المسائل القديمة المتجددة، فهي قديمة بقدم العلوم والمعارف، ومتجددة بما جدّ من معارف في عصر الرقمنة. وفي مجال التاريخ، وبصفتنا جزائريين من حقنا أن نفاخر بالرياضياتي ابن حمــزة الجزائري (القرن 16م) الذي كان يدرّس الرياضيات في الحرم المكي قبل أربعة قرون. ونختم الحديث عن تراثنا المجيد بتقديم قراءات في هذا التراث معتمدين على ما تفضّل به المفكران محمد عابد الجابري وطه عبد الرحمٰن.


وفي باب المنهجية في الكتابة العلمية، نقدم مقالا يوضح كيفية صياغة مقال علمي قبل توجيهه للنشر في مجلة أكاديمية. ونواصل بترجمة مقال قيّم لأحد التربويين الكنديين حول الابستمولوجيا وتعليم العلوم. وفي ركن المعلوماتية، نوضح كيف تتمّ المعالجة الآلية للغة. فما كنا نشاهده في أفلام الخيال خلال العقود الماضية بدأ يظهر في الواقع: روبوتات تحاور البشر، ترجمة فورية، بحث عن المعلومات بواسطة الصوت والصورة، التعرف على الحروف والكلام. تمثل كل تلك الانجازات ثمرة أبحاث دامت سنوات، ومرّت بمراحل من البحث والتطوير المعلوماتي، ذلك ما يطلق عليه "المعالجة الآلية للغة". وفي مقال آخر، نتعرف على البرنامج المعلوماتي الاحصائي "ستاتا"، وهو برنامج متكامل يُستعمل بوجه خاص في الاقتصاد القياسي وعلم الأوبئة والطب والبيولوجيا.


ونتطرق في مجال الكيمياء لبعض الإسهامات في تطوير التصنيف الدوري للعناصر الكيميائية. فالخبراء يعلمون أن لجدول التصنيف الدوري مكانة جوهرية إذ إنه يكشف للكيميائيين الأسس المنظِمة لعلم الكيمياء. وفي حقل الفيزياء النظرية ننهي الحلقة الثالثة من سلسلة المقالات حول إحدى المتباينات الشهيرة وما يُعْرف بالتشابك الكمومي.


ثم نتساءل: ماذا يحدث حين تتحوّل الرياضيات إلى مـتـعـة؟ ويجيبنا الكاتب عن هذا السؤال! وبعد ذلك نتناول محطة تاريخية من موضوع النسبة الذهبية تاركين محطات أخرى للعدد السادس. وفي باب العلوم الطبيعية نلاحظ أن النحلة الصحراوية تُعدّ موردا بيولوجيا يستوجب حمايته وتثمينه في بلادنا. ذلك أن ثمّة في بلادنا سلالتين من النحل: النحلة التلّية التي تستوطن غالبية المناحل الجزائرية، والنحلة الصحراوية التي لا يعرفها النحالون كثيرًا، وهي مهددة عندنا بالانقراض. وفي موضوع آخر تناولنا آفاق تطبيق المترولوجيا القانونية في الصناعات الغذائية بالجزائر مبرزين أهميتها.


وفي ركن "شخصية العدد" سيتعرّف القارئ على تفاصيل حياة وأعمال فقيد المدرسة العليا للأساتذة-القبة، أستاذ الرياضيات المرحوم يوسف عتيق، الذي غادرنا يوم 4 سبتمبر 2022. كما تم في ركن "عرض كتاب" تقديم كتاب ثري بالمعلومات حول الميكروبات جاء بعنوان "الميكروبات المفقودة: كيف أن الإفراط في استخدام المضادات الحيوية يغذي أوبئتنا الحديثة".


أخيرا، لا يسع طاقم مجلَّة بشائر العلوم إلا أن يترحّم على روح مديرة المدرسة الأستاذة رزيقة مهداوي التي وافتها المنيّة فجأة يوم الأربعاء 14 ديسمبر 2022 بمكتبها. وقد كانت تشجعنا دائما وتعدنا بالعمل على ترقية المجلة لتكون أول مجلة جزائرية في نشر الثقافة العلمية. تغمدها الله برحمته الواسعة. ونتمنى أن نحقق هذا الهدف النبيل. وبالله التوفيق.

هيئة التحرير